قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
التفكر عبادة عظيمة قد غفل عنها الكثير وربما استهانوا بها ، فالبعض يظن أن العبادة محصورة في أعمال الجوارح وجهِل أو تجاهل أنّ للقلب كذلك أعمال يُتعبّد بها ، وقد يكون عمل قلبيّ أفضل من بعض أعمال الجوارح
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : تفكر ساعة خير من قيام ليلة .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ركعتان مقتصدتان في تفكير خير من قيام ليلة والقلب ساه .
وقال عمر بن عبدالعزيز : الكلام بذكر الله عز وجل حسن والفكرة في نعم الله أفضل العبادة .
وقال لقمان الحكيم : إنّ طول الوحدة ألهم للفكرة وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنة .
وكان هشام الدستوائي لا يطفئ السراج إلى الصبح وقال : إذا رأيت الظلمة ذكرت ظلمة القبر.
كان بعض السلف إذا شرب الماء البارد في الصيف بكى وتذكر أمنية أهل النار حينما يشتهون الماء فيحال بينهم وبينه ويقولون لأهل الجنة (أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ) .
وصُبَّ على رأس بعض الصالحين ماءٌ فوجده شديد الحر ثم بكى وقال : ذكرت قوله تعالى ( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) .
وبينما كان أحد الصالحين يمشي ذات يوم من الأيام وجد رجلاً يشوي لحماً فبكى ، فقال له الشّواء : ما يبكيك؟ هل أنت محتاج إلى اللحم . قال : لا . فقال له الشّواء إذاً مايبكيك؟
فقال الرجل الصالح : إنما أبكي على ابن آدم يدخل الحيوان النار ميتاً وابن آدم يدخلها حياً .
وهذا طفل في عهد السلف رأى أهله يوقدون ناراً للطعام فلما نظر إليها جعل يبكي فقالوا له لماذا تبكي ؟
قال : وجدتكم تبدؤون بصغار الحطب قبل كباره . ( يخشى يوم القيامة أن يبدأ الله به وأقرانه الصغار في نار جهنم )
هذا مستوى تفكير طفل في ذلك العصر فما عساه أن يكون تفكير أطفالنا فضلاً عن تفكير شبابنا وشيبنا .
تفكـر في مشيبك والمــآب *** ودفنك بعد عـزك في التـراب
إذا وافـيت قبراً أنت فيــه *** تقيم به إلى يـوم الحسـاب